أروى: هل تجد من ينقذها
وسط معمعة الصراع مع الحياة لاكتساب لقمة العيش الشريفة لإعالة أسرة قوامها أربعة أطفال وزوجة محبة ارتضت أن تقاسمه بصدق وإخلاص مسيرة الحياة .. عمل، بكل ما أوتي من استطاعة لاكتساب رزق حلال، سائقاً لدى أحد التجار المستوردين للسيارات السعودية في نقل السيارات المستوردة إلى داخل الوطن ولكن شاءت الأقدار أن يموت في حادثة صدام أودت بحياته على طريق حرض أثناء ذهابه لإدخال السيارات الجديدة، ليخلف وراءه زوجة وأربع بنات.
كان لهول الفاجعة على زوجته أروى بعد تلقيها النبأ من أشقاء زوجها وقع الصاعقة ولكن لا حول لها ولا قوة من القبول بحقيقة الفراق الأبدي لزوجها، وعليها أن ترضى بقضاء الله وقدره الذي لا يمكن تغييره واسترجاع خياراته.. رحل زوجها، حتى ديته لم تصل لها ولا لبناتها، كانت المهمة صعبة ورحلة الحياة المستقبلية على الأم أشد صعوبة وعذابا، فهي لا تملك أدنى مقومات الحياة لمواجهة ظروف الحياة وتلبية احتياجات البنات الأربع اللاتي يكبرن وتكبر معهن مطالبهن واحتياجاتهن، وحدها الأم من تقع عليها مسؤولية ذلك، وواجب الأمومة يجبرها أن تقوم بذلك الواجب للحفاظ على بناتها من الضياع.
اقتحمت الأم مرحلة المشاق والجهاد الجبار بصمت دون شكوى أو تململ من هذه المسئولية التي فرضت عليها، تعود متصلبة بالهموم لا تبيح شكواها لغير الله وحده، فكل من حولها لا يرحمون أحدا حتى أشقاء زوجها الراحل تخلوا عن بنات شقيقهم لتبقى وحدها الأم تواجه مشاق العيش لتوفر أدنى مقوماته، واللاتي ما زلن طالبات في المدارس مثل بقية الناس، طرقت الأم باب الضمان الاجتماعي لعلها تحصل على دعم ولو بالحد الأدنى لكنها لم تنل حتى ذلك الحق الذي يجب أن تناله، لأنها امرأة مسكينة ليس لديها من يتوسط لها..
عملت الأم أروى في أحد المنازل في خدمة امرأة تاجر بأجر يتراوح بين 4 – 5 آلاف ريال شهرياً لكن هذا المبلغ قُطع عنها بعد أن رحلت صاحبة المنزل
تقول أروى "إنني أقطع يومياً مسافات طويلة لعلي أجد لقمة يابسة كي أعود بها لبناتي، فلقد أخرجت بنتي الكبيرة البالغة من العمر 12 سنة من المدرسة وألزمتها بالجلوس في المنزل الذي نستأجره بـ 15 ألف ريال، وأحياناً أمام ضغط الحاجة ومرارة المشهد أضطر للانتظار أمام بوابة معسكر النجدة لأخذ بقايا ما يأكله الجنود لأعود به لبناتي.